عندما نُقبل على عمل شيء جديد لا نألفه فمن الطبيعي أن تكون عندنا بعض التخوّفات وأكثر شيء يثير قلق المدوّن الجديد هو أن يصل به الوضع لأن يكون هو الزائر الوحيد لمدونته حيث يجلس أمام الحاسوب ويبدأ بالتدوين ويجتهد ويتعب ولكن في النهاية لا توجد نتائج ويصل به الحال أن ينتظر الزوار والتعليقات في مدونته على أحر من الجمر وحاله كحال التائه في قلب الصحراء الموحشة وهو يجلس على كثيب رملي ينتظر مرور قافلة. لماذا لا يوجد زوار ؟ لماذا لا يوجد تفاعل مع محتويات المدونة ؟ أين الخلل ؟ هل هو من جوجل ؟ هل التدوينات المطروحة فاشلة ؟ هذه بعض التساؤلات التي يطرحها المدوّن على نفسه وفي الواقع إذا كانت المدوّنة مهجورة ولا يدخلها زوار فهناك خلل ما والخلل في 95% من الحالات في المدوّنة وفي صاحبها.
طبيعة الزوار
بدايةً يجب أن نفهم طبيعة الزوار الذين يصلون إلى المدوّنة وهم ينقسمون إلى 3 أقسام:
- الزوار الأوفياء – وهم الذين يدخلون إلى مدونتك مباشرة أي أنهم يعرفون عنوان المدونة ويصلون إليها بدون وسيط.
- زوار الإحالة – وهم الزوار الذين يصلون لمدونتك عن طريق مواقع أخرى.
- زوار محركات البحث – وهم الزوار الذين يصلون لمدونتك عن طريق محركات البحث مثل جوجل و bing وغيرها …
مثلاً في مدونتي الزوار الأوفياء (15%)، زوار الإحالة (5%)، وزوار محركات البحث (80%).
بشكل عام عندما تفتتح مدونتك، في بادئ الأمر لن يعرف عنها أحد إلا مجموعة قليلة من الأقارب والأصحاب. هؤلاء هم الزوار الأوفياء الذين يعرفون عنوان المدونة ويدخلون إليها بشكل مباشر للإطلاع على محتوياتها الجديدة.
طبعاً هذه الدائرة قابلة للتوسع مستقبلاً ويمكنها أن تضم المزيد من الزوار الأوفياء ممّن يُعجبون بمحتوى المدونة فيحتفظون بها مثلاً في المفضلة ويزورونها بين حين وآخر لذلك إذا كان عدد الزوار في المرحلة الأولية 20 أو 30 زائر يومي فلا تقلق فهذا الوضع طبيعي فأنت لا زلت على أول درجة من درجات السلم ولم يحن الوقت حتى تبدأ بتقييم مدونتك هل نجحت أم فشلت.
في مرحلة متقدمّة سيدخل دور زوار الإحالة. عندما نقول زوار إحالة المقصود هم الزوار الذين يصلون إلى مدونتك عن طريق مواقع أخرى. على سبيل المثال قمتَ بنشر تدوينة معيّنة نالت إعجاب الزوار، ستجد أن البعض يشير برابط إلى هذه التدوينة سواءً في المنتديات، مدونات أو مواقع أخرى. هذه إشارة أنّ المحتوى الذي تنشره يثير اهتمام الآخرين وهذا أمر مشجّع.
الآن يأتي دور زوار محركات البحث وعادة هذه الشريحة تنال نصيب الأسد من مجمل الزوار الوافدين إلى المدوّنة ويعتبر زوار محركات البحث أهم الزوار لأنهم يصلون إلى مدونتك بشكل منتظم عن طريق البحث عن كلمات أو عبارات مختلفة. طرحت في السابق سلسلة مواضيع تناولت هذا الجانب بتوسّع ومن شأنها أن تساعد على توطيد علاقة مدونتك مع محركات البحث.
الآن قد يأتي مدوّن ويطرح هذا السؤال:
"أنا مدونتي عمرها سنتين وعدد الزوار اليومي هو 120 زائر. هل هذا الوضع طبيعي ؟"
والاجابة هي أن عمر الموقع ليس مقياساً لعدد الزوار. هناك مدونات بعد شهرين من انطلاقها يدخلها 1000 زائر يومياً وهناك مدونات عمرها 5 سنوات يدخلها 100 زائر يومياً.
المقياس هو الاجتهاد الصحيح، لا يكفي أن تجتهد بل يجب أن يقوم هذا الاجتهاد على معايير صحيحة وعلى خطة مدروسة. هذا الاجتهاد يجب أن ينبثق من إنسان يعرف معنى الانضباط، الامتثال، الصبر، الاستمرارية.
عندما تتقن (قواعد لعبة التدوين) ستلاحظ أن طريق الزوار إلى مدونتك أصبحت قصيرة.
قبل أن تسأل لماذا عدد الزوار منخفض اسأل نفسك هل اجتهدت بالقدر الكافي حتى تستحق مدونتك آلاف الزوار ؟ لنستعرض معاً بعض العوامل الرئيسية التي تساعد على جلب الزوار إلى المدوّنة وفي المقابل بعض العوامل التي تؤدي إلى عزوف الزوار عنها.
عوامل تساعد على جلب الزوار
هذه مجموعة من أهم العوامل التي تترك انطباعاً إيجابياً على الزائر ومن شأنها أيضاً أن تستقطب المزيد من الزوار:
- تصميم المدونة – التصميم يجب أن يكون خفيف ومتوافق مع جميع المتصفحات. الألوان يجب أن تكون متناسقة بغض النظر عن كونها فاتحة أو داكنة.
- طريقة عرض وتنسيق المواضيع – وهذه نقطة مهمّة جداً يغفل عنها الكثير من أصحاب المدونات. محتوى المدوّنة يجب أن يظهر بشكل متماثل متجانس ولا يُعقل أن يكون لكل تدوينة تنسيق خاص بها. مثلاً عنوان التدوينة (h1) يجب أن يظهر بخط واحد وحجم ثابت - كذلك الأمر بالنسبة للعناوين الفرعية. النص يجب أن يظهر بشكل موحّد ولا يجب أن تستعمل في كل تدوينة مجموعة من الخطوط والألوان المختلفة.
- الوتيرة الثابتة - التدوين بشكل منتظم وبوتيرة ثابتة وعدم الانقطاع الطويل عن المدوّنة.
- محتوى المدونة – حاول أن تجعل تدويناتك غير مألوفة وغير متوقعّة حتى تشوّق الزائر ولا تجعله يصاب بالخمول والنعاس في كل مرة يزور مدونتك. لا تقل لا يوجد عندي شيء جديد حتى أدوّن، قسم كبير من التدوينات الناجحة ليست بسبب الموضوع المطروح بل بسبب طريقة عرض ومعالجة الموضوع.
- أنتَ وأسلوبك – كن أنتَ، كن طبيعياً ولا تقلّد غيرك. دوّن لأجل التدوين، لأنك تحب التدوين، لا تدوّن لأجل جوجل أدسنس، الأرباح تأتي تلقائياً بمرحلة متقدّمة فلا تحاول أن تقطف الثمر قبل أن تزرع الشجرة.
- الشبكة الاجتماعية - وسّع دائرة معارفك على الانترنت، تعرّف على مدونين، استخدم الشبكة الاجتماعية بشكل صحيح (مثل تويتر، فيسبوك … ).
عوامل تؤدي إلى هروب الزوار
هذه مجموعة من أهم العوامل التي تجعل الزائر يغادر مدونتك واحتمال كبير لن يرجع إليها:
- مظهر المدونة - تصميم ثقيل / عدم توافق التصميم مع المتصفحات / تنسيق المواضيع بشكل مزعج. مفضّل أن تترك مهمّة التصميم لشخص يفهم في هذا الموضوع ولا تتبّع هواك في هذا السياق.
- عدم القدرة على نقل الفكرة للزائر - أحياناً يبدأ الزائر بقراءة التدوينة فلا يكملها أو يقرأها حتى النهاية ولكن لا يفهم ما هي الفكرة التي يرغب المدوّن بإيصالها. من الأسباب الشائعة لهذه المشكلة هي (تشتّت الأفكار) عند المدوّن أثناء الطرح أو عدم تنسيق وتقسيم الموضوع بشكل صحيح وحصر كل محتواه في فقرة واحدة تثير اليأس والإحباط.
- عدم النضوج الثقافي والفكري – مثل كثرة الأخطاء الإملائية / كثرة استخدام الوجوه التعبيرية / استعمال اللغة العامية بشكل مفرط.
- المحتوى المنقول (سواءً مع ذكر المصدر أو بدون ذكر المصدر) - يعطي انطباع أن صاحب المدونة إنسان غير منتج والإنسان غير المنتج غير مثمر أيضاً. اعتبر مدونتك (مصنع) ولا تجعلها (مستودع) لسلعة لستَ صاحبها.
- مستوى التعليقات المضمّحل – أحياناً مستوى التعليقات يعكس مستوى المواضيع المطروحة وإذا كانت كل التعليقات (ميرسي) (واااو) (ثانكس) فهذا أمر سيء ولا يشجّع على مناقشة المواضيع المطروحة. اجعل التعليقات محل نقاش جاد ولا تجعلها مرتعاً (للبزران). من يريد أن يشكرك فليكتب في سجل الزوار.
- عدم الجدية والإخلاص في طرح المواضيع – إذا رغبت مثلاً أن تعالج ظاهرة اجتماعية معيّنة عليك أن تطرح الموضوع بشكل جاد وأن لا تكتفي بكتابة 4 أو 5 سطور مذيلة بسؤال قصير (أيوا شباب ما رأيكم؟ نبغى تفاعل!). كن جاداً ومخلصاَ في طرح مواضيعك، الزائر يحب المدوّنة التي يجتهد صاحبها. كن جاداً مع غيرك حتى يكون غيرك جاداً معك.
خذ بالحسبان أنّ أي تغيير تجريه على موقعك قد يحتاج إلى فترة زمنية معيّنة حتى تبدأ ترى نتائج هذا التغيير ولا تتوقع أن ترى نتائج التغيير بعد يوم أو يومين وأحياناً تحتاج أن تنتظر شهوراً طويلة. أوّد أن أشير أن العوامل الايجابية والسلبية أعلاه تم ذكرها بإيجاز وفي الواقع كل عامل يحتاج إلى تدوينة خاصة وسأتطرّق لبعض هذه العوامل بتوسّع في المستقبل القريب إن شاء الله.
اترك تعليقك